سبل الاستفادة من القرآن
الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمداً يوافي نعمه ونشكره جل وعلا شكرا يكافئ مزيده.. ونشهد ألا إله إلا الله وحده، لا شريك له، أوجز للقرآن وصفه فقال:يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله خيرُ نبيٍ أرسل وأعظم رسول بعث حثنا على تلاوة كتاب الله فقال:اِقْرَؤُواْ القُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ القِيَّامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ
أما بعد فيا أيها الناس، إن سرّ الإيمان بالله تعالى هو هذا القرآن الكريم.. هو هذا الخطاب من الله عز وجل إلى عباده المؤمنين.. هو هذا الوحي الذي أنزله الله على عباده جميعاً عن طريق خاتم الرسل والأنبياء سيدنا محمد الأمين r:يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراًمِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْجَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ..يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِوَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِوَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
وإن الذي حُرم هذا السر فإنما حُرِمَ في الحقيقة من نعمة الإيمان ذاتهالأن سرَّ الإيمان بالله والروحَ الساريةَ فيه والغذاءَ الذي به يقوى ويدوم إنما هو كتاب الله الذي قال فيه رسول الله r:أتاني جبريل rفقال يا محمد إن أمتك مختلفة بعدك.. قال فقلت له: فأين المخرج يا جبريل؟قال: فقال كتاب الله تعالى.. به يَقْصِمُ الله كلَّ جبار.. من اعتصم بهنجا.. ومن تركه هَلَكَ مرتين.. قولٌ فصل وليس بالهزل.. لا تختلقه الألسنولا تفنى أعاجيبه.. فيه نبأ ما كان قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما هو كائنبعدكم
فإذا كان الأمر كذلك أيها الناس.. فكيف السبيل إلى أن يغذّي الإنسان إيمانه بهذا الغذاء؟ وكيف السبيل إلى أن يحصِّن إيمانه عن طريق هذا الكتاب؟إن السبيل الأول هو الإكثار من تلاوة القرآن لأن القرآن نفسُه يوصي المؤمنين جميعاً بالإكثار من تلاوته. قال تعالى:وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِمُلْتَحَداً
وقال عز من قائل وهو أصدق القائلين:اتْلُمَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّالصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِأَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
أما السبيل الثاني فهو أن تكون هذه التلاوة حقيقيةً متبصرةً متأنيةً ومتدبرة:الَّذِينَآتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
وانظروا رحمكم الله إلى قوله تعالى في أوائل خطابه لرسولهالأمين r:يا أَيُّها الْمُزَّمِّلُ .. قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاًنِصْفَهُ .. أَوُ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً .. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً
هيّئ نفسك يا محمد.. والخطاب هنا موجه لكل من يحمل رسالة محمد.. هيئ نفسك.. هيئوا أنفسكم لترتيل آي القرآن وفهم معانيها فهو السبيل الأوحد لتحمل الأعباء والصبر على المتاعب:إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً
فاحذر أخي الكريم، أختي الفاضلة، أن تكونوا منالغافلين عن هذين السبيلين المُحَصِّنَيْنِ للنفس المغذيين للروح الرافعينلمستوى الإيمان. احذروا أن تغفلوا عنهما فتكونوا لا قدر الله من الذين يشكو رسول الله r إعراضَهم عنه حين قال:يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِيَ اتَّخَذُوا هَذا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين ويرحم الله عبدا قال آمينالحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. أما بعد، فإنالسبيل الثالث للحصول على الحصانة القرآنية هو التشبث بتعاليمه والاشتغال بتطبيقه.. فقد قال الرسولr فيما يرويه عن ربه في الحديث القدسي:من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه
أما السبيل الرابع فهو حفظ ما تيسر منه في الصدور عملا بقوله تعالى:فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ
وهذا أمر بالقراءة دون الأمر بالتلاوة. ثم بعد ذلكحين يحفظ الإنسان القرآن فيطبقه في نفسه ينبغي له أن يبلغ منه ما وعى ولهفي ذلك ضمان الخيرية من قبل الله تعالى.روى البخاري عن عثمان بن عفانt أنهrقال:خيركم من تعلم القرآن وعلمه
وإننا نقول.. يومينطبق علينا هذا التعامل بهذا الوصف الموجز.. يومها سيشع نور القرآنِ فيصفوفنا فيتحول إلى موعظة في قلوبنا بتأثيرها ويصبح شفاء لما في صدورنابظهور الهدى والرحمة في مجتمعاتنا..قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
وحينئذ.. حين ينطبق علينا كل هذا سيحق لنا أن نفرح وأن نظهر الحبور فيناقُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ
اللهم صل على محمد .. حميد مجيد
اللهم كن لنا الولي والنصيروالمعين والظهير إنك على كل شيء قدير. اللهم إنا نسألك العفو والعافية فيالدين والدنيا والآخرة. اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنتونسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت بهفي علم الغيب عندك ونسألك اللهم باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت وإذاسئلت به أعطيت أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همومنا وذهابغمومنا. اللهم اجعله لنا نورا في الدنيا والآخرة. اللهم اجعل القرآن شفيعالنا يوم القيامة.اللهم إنا نسألك لأميرالمؤمنين سيدي محمد السادس البر والتقوى ومن العمل ما ترضى. اللهم هونعليه عبء المسؤولية التي طوق بها وأعنه يا رب على أداء الأمانة التي أسندتإليه على وجهها اللهم زين قلبه بالإيمان ونور صدره بالقرآن واجعله يا ربمن عبادك الصالحين يا كريم يا منان.اللهم انصر الإسلام والمسلمين واخذل كل من خذلهميا رب العالمين. لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين وآخر دعواناأن الحمد لله رب العالمين. 
موضوع: كيف نستفيد من القرءان الكريم 
الجمعة أكتوبر 29, 2010 1:28 am